الجريمة الكاملة
|
قرية تين أوكر 2020 |
جريمة تين أوكر
1990/7/28
الجزء الأول
الفصل الأول
مقدمة الجريمة،
الضابط (ichaka kone) وهو من بين عدد من كبار الضباط في الجيش المالي الذين ذاع صيتهم في التسعينات القرن الماضي،
نتيجة للجرائم الإنسانية التي ارتكبوها في حق الأبرياء من أبناء أزواد،
ويأتي على رأس هؤلاء الضباط الذين ذاع صيتهم آنذاك،
ثلاث ضباط عسكريين رفيعي المستوى
وهما:---
1- الجنرال kafougona kone الملقب(إنغونان) كان يتولى منصب أمر المنطقة العسكرية قاوة،
والتي تشمل مناطق( تين بكتو--قاوة--أضر آنبوكر- منكا-كيدال) إبان أحداث ثورة الف وتسعمائة وتسعون،
بمعنى اوسع ان الجنرال kaFougona kone والذي انتشرت سمعته السيئة بين الناس،
هو الحاكم العسكري الفعلي لاقليم أزواد في تلك المرحلة،
وتحت أمرته أرتكبت العديد من الجرائم التي ارتكبها الجيش المالي في عموم أرض أزواد، والتي يرتقي بعضها إلى الابادة الجماعية،
سوى ارتكبت هذه الجرائم تحت أمرته شخصيا وارتكبها ضباط يقعون تحت أمرته المباشرة،
لم تستثني جرائمه أي مدينة من مدن أقليم أزواد الرئيسية،
من تين بكتو إلى قاوة إلى منكا وصولا إلى كيدال،
وكانت جل الجرائم الإنسانية التي ارتكبت في تلك المناطق ارتكبت في عهد ولاية الجنرال (kafougona kone)
2- الضابط fougou kone
الذي كان يتولى وظيفة الحاكم العسكري لمنطقة كيدال والمناطق المجاورة لها،
( تسيليت- ابيبرا- بوغسا)
فقد كانت كيدال في تلك الفترة تتبع إداريا إلى أولاية قاوة،
هذا قبل أن تصبح ولاية إدارية مستقلة بحد ذاتها في مرحلة لا حقة،
بالإضافة إلى ان الضابط fouogou kone
كان المسؤول عن وحدة أنخبه (المظليين) في الجيش المالي
ويتبع بشكل مباشر إلى امر المنطقة العسكرية قاوة،
3- النقيب achaka kone
أرسل من بماكو بعد إعلان الثورة و الهزائم المتتالية التي تعرض لها الجيش المالي من قبل الثوار الأزواديين،
كدعم عسكري للقوات العسكرية المالية المتمركزة في الأساس في اقليم أزواد،
وقد ارتكبت القوات التي تقع تحت أمرة هذا النقيب achaka kone منذ وصوله إلى أقليم أزواد،
العديد من الجرائم في المدنيين وممتلكاتهم،
فلم تطئي قدمه منطقة إلا وارتكب في حق أهلها جريمة،
النقيب achaka kone عرف عنه تعطشه الغريب لسفك دماء الأبرياء وانتهاك حرماتهم،
فلم تشبع غريزته الحيوانية الجريمة التي ارتكبها هو وجنوده في حق أهالي منطقة تين اوكر في ذات اليوم،
وهي المجزرة التي راح ضحيتها عدد (6) الأشخاص من المدنيين العزل،
وهؤلاء الناس الذين قام الجيش المالي بتصفيتهم جسديا،
بدم بارد لم يرتكبوا أي يجرم يذكر في حق الدولة المالية،
فهم لم يكونوا من ضمن الثوار الذين رفعوا السلاح في وجهها،
وأعلنوا تمردهم عليها،
ولم يكونوا من ضمن المجموعات الاجرامية التي تقوم الدولة المالية بتأسيسها وتقديم الدعم العسكري والمعنوي الازم لها،
والذنب الوحيد الذي أقترفه هؤلاء الناس،
انهم ينتمون إلى مجتمع كل تماشق الذي ثار على الظلم والتهميش،
فبعد ارتكابه لمجزرة تين اوكر والتي راح ضحيتها 6 اشخاص أبرياء كما اسلفنا،
وأكمل طريقه إلى قاوة وعند مروره بقرية تيجيروين التي لا يفصلها عن تين اوكر سوى 20كلم،
وكان يحدث هذا بين الساعة الواحد والثانية ظهرا من ذات اليوم،
تيجيروين هي احد قرى منطقة تيلمسي،
وتقطنها عشيرة من قبيلة إمغران
وهي إحدى القبائل التي استوطنت منطقة تيلمسي منذ القدم،
والشيخ العشيرة هو الشيخ تغلاس أغ عمار والذي كان حاضرا لحظة ارتكاب الجريمة في حق أبناء قريته،
يمكن القول ان عموم منطقة تيلمسي أصبحت آنذاك مسرحا للجرائم التي يرتكبها الجيش المالي،
والميليشيات العرقية المساندة له وتعددت تلك الجرائم التي أرتكبها الجيش المالي في أبناء أزواد،
بين القتل الجماعي كما حدث في مناطق( تيجريرت الاتا ووادي أنشواج بلدية تين أوكر)
والتعذيب الجماعي كما حدث في قرية تيجيروين،
وناهيك عن قتل الحيوانات وتسميم ابار المياه وحرق الغابات والمراعي،
من لا يعلم فالجيش المالي لم يخطر في باله جريمة إلا وارتكبه،
والهدف من وراء كل تلك الجرائم التي أرتكبها الجيش المالي،
هو زرع الرعب في قلوب الناس،
وزيادة تطيق الخناق عليهم وإجبارهم على الرحيل عن أرضهم وأرض أسلافهم،
فالمستعمر المالي يعلم جيدا أن الشعب الأزوادي هو الحاضنة الاجتماعية لثورة، والشعب هو بمثابة الشرايين الذي يمد الثوار بالقوة والعزيمة،
ولهذا سعى من خلال قواته وأجهزته الأمنية إلى تطبيق سياسة الأرض المحروقة في حق أبناء أزواد،
حاولنا على قدر المعلومات التي توفرت لدينا أن ننقل للقارئ المتهم بشأن الأزوادي
تفاصيل الجريمة التي بدأت احداثها في بلدية تين أوكر،
منذ الساعات الأولى لصبيحة يوم الجمعة الموافق 1990-7-28
وكانت المصادر التي اعتمدنا عليها في كتابة احداث هذه الجريمة، هي عبارة عن شهادات حية لأناس عاشوا تلك اللحظة المأساوية بكل تفاصيلها،
وكتبت لهم حياة جديدة ليروي لناس ما حدث معهم،
تعد الجريمة التي نحن بصدد طرح تفاصيلها المؤلمة للقارئ،
جوابا شافيا لكل من يتسأل عن الأسباب الحقيقية التي تقف خلف الثورات المتكررة التي لا يخلوا عقد من الزمن إلا وأنتفض فيها الشعب الأزوادي معلنا رفضه للوجود المالي في اقليم أزواد،
فالجريمة التي أرتكبها الجيش المالي العنصري في جق أهالي تين أوكر،
وغيرها من الجرائم التي ارتكبت والتي لا زالت يرتكبها الجيش المالي في حق أبناء أزواد إلى يومنا هذا هي بمثابة البداية لطلاق النهائي،
فهذه الجرائم دليلا قاطعا على سوء العلاقة التي تربط مالي بشعب الازوادي،
وأن بقاء هذه العلاقة قائمة ما هي إلا مسألة وقت وينتهي،
ونحن نضع امام المتابع لشأن الأزوادي،
تفاصيل الجريمة بأسلوب أدبي اقرب ما يكون إلى اسلوب كتابة الملاحم التاريخية، ولم يكون لنا هدف من وراء كتابة تفاصيل هذه الجريمة وغيرها من الجرائم والتي سنحاول التطرق إليها في وقتها،
لم يكون هدفنا سوى أن نضع أمام المراقب والمتابع وكل إنسان مهتم بشأن الأزوادي وخاصة القارئ العربي،
مدى الوحشية التي ينتهجها الجيش المالي ضد أبناء أزواد، قديما وحديثا،
على الرغم من العلاقة التاريخية السيئة والمتذبذبة التي ربطت بين الحكومة المالية وابناء ازواد،
منذ خروج المستعمر الفرنسي الصوري من معظم الدول الافريقية 1960 وتسليم زمام مستعمراته إلى حلفائها في المنطقة،
ونحن نعتبر هذه الجرائم هي القشة التي اقسمت ظهر البعير مثلما يقولون،
كما أنها أسقطت الأقنعة الزائفة التي كان النظام المالي يحاول ان يداري بهم قبحه،
وكما قلنا تفاصيل الجريمة كتبت بناءا على شهادات حية قدمها اناس كانوا شهود على الجريمة من بدايتها حتى نهايتها،
حاول كل الذين التقينا معهم او تواصلنا معهم من خلال وسائل التواصل الاجتماعي او من خلال اللقاءات المباشرة معهم،
أن ينقلوا لنا بكل امانة ومصداقية تفاصيل الجريمة كما وقعت دون زيادة او نقصان،
كما عهدناهم نحن أن ننقل شهاداتهم التي أدلوا لنا بها بكل امانة ودون زيادة ولا نقصان،
اجتهد الشهود على أن يصفوا لنا القليل مما حدث في ذلك اليوم،
رغم ان بعضهم لا يزال طفل قاصرا لم يبلغ العمر الذي يمكنه من فهم حقيقة الأشياء عند ارتكاب الجريمة في حقهم،
جريمة تين أوكر
الفصل الثاني
المركز الاجتماعي
تحتل بلدة تين أوكر
تين أوكر ليس قرية حديثة العهد،
فقد تعاقبت على تلك البقعة من الأرض العديد من حضارات إنسانية التي أسسها الأنسان التارقي منذ الأزل،
والمنقوشات والرسومات والآثار التاريخية التي تمتلئ بها تلك المنطقة،
دليل على وجود حضارات ضاربة في القدم، كان موطنها عموم منطقة تيلمسي،
مما لا يخفي على مدى المكانة بلدية الاجتماعية والسياسية والتعليمية مرموقة،
التي تحظى بها بلدية تين أوكر في عموم المجتمع الازوادي قبل وبعد الجريمة،
فهي العاصمة الإدارية لمنطقة تيلمسي،
فهي العاصمة التاريخية لسلطات التقليدية لقبائل شمناماس الواسعة الانتشار
في عموم أزواد ومالي والجزائر وبوركينافو موريتانيا الجزائر وليبيا،
وكان ذلك منذ انهيار سلطنة اولمدن على يد المستعمر الفرنسي وأعوانه في بدايات القرن العشرين،
أي منذ تولي شيخ القبيلة الراحل الشيخ محمد أحمد أغ الأصل (1860م---- 1930ف) لسلطة التقليدية لقبائل شمناماس،
وقد تعزز المركز الاجتماعي الذي تحظى به تين أوكر بدور المتميز الذي لعبه أبنائها في الثورات التحرر التي أن اطلقت في أزواد،
جريمة تين أوكر
TIN AOUKE
الفصل الثالث
-تاريخ المجزرة
يوم الجمعة الموافق 28-7-1990
مجزرة تين اوكر التاريخية،
تاريخ المجزرة يوم الجمعة الموافق 28-7-1990
وقعت جريمة تين أوكر يوم الجمعة الموافق 28-7-1990
وهو صبيحة ذات اليوم الذي قام فيه الثوار الازواديين،
بقيادة القائد إياد أغ أغالي لعملية ابيبرا انطلاقا من قاعدة تايكارت التاريخية،
العملية التي كان من نتائجها إعلان تحرير قرية ابيبرا،
وأسر وقتل عدد ما .25-30 من عناصر الجيش المالي المتواجدين في معسكر أبيبرا لحظة تنفيذ العملية،
كما غنم منها الثوار كمية كبيرة من الاسلحة والذخيرة والعتاد العسكري كانت عونا لهم في باقي العملية العسكرية التي خاضها الثوار الأزواديين إبان ثورة 90،
جريمة تين أوكر
الفصل الرابع
عملية ابيبرا
بعد عملية ابيبرا التاريخية مباشرة وفي صبيحة ذات اليوم الذي نفذت فيه العملية،
يبدو أن عناصر الجيش المالي في أقليم أزواد عندما جاءتهم الأخبار السيئة من قاعدة تايكارت جن جنونهم،
وفقدوا السيطرة على أنفسهم وعقولهم وأصبحوا يتخبطوا يمينا وشمال،
ولم يجدوا ما يصبوا عليه جم غضبهم سوى قرى المدنيين العزل المتناثرة في أرجاء منطقة تيلمسي،
ففي الساعات الأولى ذاك اليوم قام رتل عسكري ضخم من قوات الصاعقة وحدة المظليين،
تحت إمرة مجرم الحرب النقيب achaka kone السيئة السمعة والذي طالما لطخت أياديه القذرة بدم الأبرياء من أبناء الشعب الأزوادي،
بارتكاب جريمتين متتاليتين في ذات اليوم وفي ذات المنطقة وفي حق ذات الشعب،
بل ولم يفصل بين الجرمتين سوى بضعة دقائق،
ارتكبت الجريمتين في حق اهالي تين أوكر وأهالي منطقة تيجيروين على التوالي،
بعيد عن ضجيج وسائل الأعلام،
وبعيدا عن المنظمات الحقوقية وتنديداتها العقيمة التي لم يرى منها المجتمع الأزوادي سوى المزيد والمزيد من التجاهل وعدم المبالاة بمشاكله أرتكب الجيش المالي جريمته،
كانتا هاتا الجريمتين بمثابة ردت فعل سريعة على الهزيمة النكراء التي تعرض لها الجيش المالي في قرية ابيبرا،
إلا أن ردت الفعل التي قام بها عناصر الجيش المالي كانت أسوء أخلاقيا من الهزيمة تعرض لها في قرية أبيبرا،
جريمة تين أوكر
الفصل الخامس
بداية أحداث الجريمة،
ما يقارب الساعة السادسة صباحا من يوم الجمعة الموافق 28-7-1990 وقبل ان ينهوا الناس إعداد الشاهي الصباحي،
اقتحم رتل عسكري ضخم من قوات الصاعقة وحدة المظليين في الجيش المالي بلدية تين أوكر،
من أربعة محاور محور الشمال محور الجنوب ومحور الغرب ومحور الشرق،
الرتل العسكري كان تحت إمرة الضابط achaka kone،
وعندما أكمل الرتل عملية اقتحامه للقرية،
العملية تستغرق سوى بضع دقائق معدودات،
وهذا يعد أمر طبيعيا نظرا لأن الذين كانوا في القرية يومها لم يكونوا سوى أناس
مدنيين عزل،
ولا علاقة لهم بما يحدث من حولهم سوى من باب أنهم مواطنين أزواديين،
وهذا الذنب الذي دفعوا ضريبته من دمائهم ودماء أبنائهم،
إذا فمن الطبيعي في مثل هذه الحالة التي وجد فيها الرتل العسكري أهالي تين أوكر،
أن لا يجد أي مقاومة عسكرية قد تبطيء من سرعة عملية دخوله لعمق القرية ومحاصرة أهلها،
فبدأ عناصر أصحاب القبعات الزرق،
أو ما يعرف في المصطلحات العسكرية في النظام الفرنسي،
المعمول به في دولة مالي (بروروجتن) وهي وحدة المظلات بالقوات الخاصة في الجيش المالي،
وهذه الوحدة من الوحدات العسكرية العالية التدريب، والتي تم اختيار عناصرها بعناية فائقة الدقة، بين الوحدات الجيش المالي عالية التدريب
بداية من الضابط المسؤول عنها إلى آخر جندي في الوحدة،
لتكون وحدة الدعم القتالي لوحدات الجيش المالي
المتمركزة في الأساس في مناطق قاوا ومنكا وكيدال،
وكانت المهمة الأساسية التي تم بموجبها اختيار عناصر وحدة المظليين هذه،
هي القضاء على التمرد في الشمال والقبض على المجرمين واللصوص وقطاع الطرق هكذا كانوا يصفون الثوار الأزواديين،
وعندما عجزت هذه الوحدة عن تنفيذ مهمتها التي كلفت بها،
لجأت إلى أسلوب الأرض المحروقة فارتكبت في غضون شهر سلسة من الجرائم المتتالية في حق المدنيين العزل من أبناء أزواد،
وكانت هذه الجرائم رد فعل غير أخلاقي على سلسلة الهزائم العسكرية والأخلاقية التي منيت بها قوات الجيش المالي وميليشياته العرقية في الشمال،
على يد الثوار الأزواديين الذين كانوا حينها لا يملكون من الأسلحة سوى الإرادة والعزيمة وإيمانهم العميق والمطلق بعدالة قضية التي يقاتلون من أجلها،
وهي الأسلحة التي حطموا بها غرور وغطرسة الجيش المالي،
كانوا عناصر الوحدة الخاصة أثناء اقتحامهم للقرية مدججين بكافة أنواع الأسلحة الفتاكة المعروفة ، ناهيك عن الأسلحة الخفيفة والمتوسطة كانت هناك المدافع المحمولة على السيارات،
وبدأوا عمليتهم الجبانة بإقتحام منازل الأهالي وإجبارهم تحت تهديد السلاح بالخروج الجماعي من منازلهم،
تقول السيدة مية ولت دنبو كنت مشغولة في غسل بعض الملابس عندما داهموا بيتي من غير ما عاد،
وبدأوا في ضربنا أسواط ومطاردتنا
ولم يسلم من بطشهم حتى النساء اللاتي لا زلنا في مرحلة النفاس،
ومن بين النساء اللاتي أجبرنا بالقوة على الخروج من منازلهن،
سيدة أنجبت طفلها في نفس الليلة التي اقتحم فيها الجيش القرية،
واجبرت كغيرها على حمل صغيرها بين يديها والركض به مع بقية النساء كنا بدورهن يحملن أطفالهن في أحضانهن والسير بهن تحت لهب تلك الشمس الحارقة إلى هضبة تين أبظ،
وأمروا جميع السكان بصعود هضبة تين أبظ, بما فيهم النساء الحوامل والاطفال والمرضى وكبار السن.
لم يستثنوا أحد، أجبروهم جميعا على التوجه إلى هضبة تين أبظ،
والتي تقع على الجهة الشمالية من القرية،
على بعد نصف كيلوا من القرية،
وبدأ عناصر الرتل الذين لم يراعي أي حرمة بكسر وتحطيم كل ما وقع أمام أعينهم،
والكثير من بيوت القرية تم تسويتها بالأرض بما فيهم بيت الشهيد أهمادا اغ امانكنن والذي كان من ضمن المجموعة التي تم تصفيتها في قاوة،
يقول من عاش تلك المأساة كانت اللحظات الأولى من بدايتها هي المخيفة، فيمكن للقارئ أن يترك العنان لخياله،
ويتخيل أهالي مدينة كاملة بنسائهم ورجالهم وشيوخهم وحتى خدمهم، وهم يجبرون على التجمع في أعلى سفح الهضبة ويتعرضون إلى شتى أنواع التعذيب والإرهاب،
كان مشهد مخيف وخاصة لنساء والأطفال الذين لم يسبق لهم أن شاهدوا مثل هذه الأشياء،
وبعض هؤلاء الأطفال والنساء وغيرهم ممن عاش تفاصيل تلك الجريمة لا تزال تلازمهم عقد نفسية إلى يومنا هذا،
فمنهم من هاجر ولم يعود يستطيع العودة إلى بلدته إلى يومنا هذا،
جريمة تين أوكر
الفصل السادس
هضبة ⬅️تين أبظ⬅️
تحت تهديد السلاح أجبرت قوات الجيش المالي التي اقتحمت تين أوكر،
كل من كان في القرية من أطفال ونساء وشيوخ ورجال وحتى ذوي اللاحتياجات الخاصة،
كل ما كان موجود في القرية لحظة حدوث الجريمة أجبر على الخروج من بيوته وإجبارهم إلى التوجه إلى الهضبة،
ما عدا بعض من كبار السن المقعدين العاجزين عن الحركة،
ساق الجنود الناس ذكورا وإناثا تحت تهديد السلاح والركل بأرجل الجنود وأخمس البنادق
والضرب بأسواط،
إلى هضبة تين أبظ،
وهي هضبة رملية رخوة تكون حرارتها شديدة الإرتفاع في فصل الصيف،
لدرجة أن بعض الناس يبالغون،
فيقولون إن درجات الحرارة المرتفعة التي تصل إلى تربة تين أبظ في فصل الصيف، تكفي لطهي قطعة من اللحم في حال وضعت عليها في النهار،،
وكل من يعرف تلك المنطقة يعرف أرتفاع درجات الحرارة فيها في فصل الصيف،
هضبة تين أبظ تقع في الجهة الشمالية وتبعد عن مسافة نصف كلم،
ومع انتهاء عناصر الرتل من جمع الناس ومحاصرتهم على هضبة تين أبظ،
وبعد تأكدهم أن لا أحد يتنفس من سكان القرية،
ويمكنه الحركة بقاء خلفهم في بيوت القرية،
حتى الأطفال القصر قاموا باقتيادهم تحت تهديد السلاح إلى الهضبة،
يقول الشاهد عيان على الجريمة والذي فضل عدم ذكر اسمه
وكان الشاهد لا يزال طفل قاصرا حين ارتكبت الحريمة،
وهو شقيق الشهيد تدارفت أغ إدمي محا
وأبن عم الشهيد أهماده أغ أمانكنن محا
وهما من بين الأشخاص الذين قام عناصر الرتل باقتيادهم إلى قاوة،
وتصفيتهم دهسا بدبابات وسط تصفيق الحاضرين من مستوطنون قاوة،
كنت لا زلت طفل صغير فلا يزال هناك العديد من الأمور التي لم أستوعب بعد
معناها،
لكن تبقى الكثير من التفاصيل الصغيرة
المتعلقة بتلك الجريمة عالقة في ذاكرتي،
فمظهر الجنود الماليين المدججين بالأسلحة،
وهم يقتحمون بيوت قريتنا يضربون الرجال والنساء والأطفال بأسواط شديدة البأس،
أمر من الصعب أن ينساه أي شخص فما بالك من فقد فيه أعز الناس لديه،
أتذكر لحظة دخول الرتل فقد لجأت هربا من الجنود إلى بيت جدتي القريب من بيتنا،
على آمل أن يتركوني إذ هم وجدوني عندها،و
لكن سرعان ما خاب آملي فيهم،
فقد دخل أحد الجنود يصرخ وجرني أمام أعين جدتي المقعدة وذهب بي إلى الهضبة،
يضيف المناضل إبراهيم أغ تنفه أغ سديد
الملقب -حما-
بعدما اقتحم الجنود بلدية تين أوكر من أربعة محاور كما أسلفنا،
وأمروا الناس بتوجه إلى هضبة تين أبظ والتجمع على أعلاها،
فبدأوا بتقسيم الناس إلى أربعة فئات رئيسية،
-على النحو التالي:-
1-فئة الرجال والشباب
2-فئة الفتيات الغير متزوجات،
3-فئة الأطفال القصر والنساء المسنات
والنساء المتزوجات،
4- فئة الحدادين *إينهضن* والخدم
بعد تقسيم الناس إلى الفئات الأربعة المذكورة
طلبوا من الفتيات القصر والغير متزوجات الوقوف جانبا في مجموعة واحدة،
بينما وضعوا الأطفال القصر مع النساء المتزوجات المسنات في مجموعة واحدة،
وكان يفصل بين مجموعة الفتيات ومجموعة النساء المسنات، مسافة تقدر بحوالي 10 أمتار تقريبا،
بينما ربطوا الرجال والشباب بالحبال كل شخص كان مقيد بمفرده،
وذهبوا بهم للوقوف بجانب سيارة بيضاء كانت واقفة على الجهة الشرقية من الهضبة،
وتبعد عن باقي المجموعتين بحوالي 50 متر،
يبدو من شكل السيارة فخمة بمقاييس السيارات تلك الحقبة،
تعود إلى شخص مسؤول،
ويعتقد أنها تعود إلى أمر الرتل النقيب achaka kone وخاصة أنه كان واقفا بنفسه في تلك الأثناء بجانب السيارة،
يصرخ ويهدد ويتوعد الناس بالموت والفناء،
ناسيا أن الأقدار بيد الخالق،
قد يتسأل بعضهم من الهدف رواء تقسيم عناصر الجيش نساء القرية إلى مجموعتين،
1-المتزوجات
2-الفتيات الغير متزوجات،
كان السبب الذي يقف وراء تقسيم عناصر الرتل لنساء اتنوكريات على النحو المذكور،
يعود هذا الأمر إلى أن الأجهزة الأمنية المالية في تلك الحقبة،
يعتبروا كل امرأة صغيرة في العمر،
سوى كانت متزوجة أو غير متزوجة،
جزء من الثورة، ويتم معاملة النساء من قبل الأجهزة الأمنية على هذا الأساس،
ويذكر أن تاريخ السجل الإجرامي للأجهزة المالية
حافل بالعديد من الممارسات التي يتم فيها الإساءة إلى النساء،
وقد سمعنا عن الكثير من القصص المؤلمة التي تم فيها تصفية النساء الأزواديات،
كما حدث مع نساء عشيرة ادلواغ،
أو القبض عليهن
وأداعهن
بين غياهم السجون المظلمة والمتوحشة،
وتعرضهن لتعذيب من قبل الأجهزة الأمنية المالية بتهمة التعامل مع الثوار،
*تكستنت ولت محمد*
وقصة السيدة تكستنت ولت محمد خير مثال على ذلك،
فقد تم القبض عليها في قاوا في نفس الفترة التي ارتكبت فيها جريمتي تين أوكر، وتيجيروين،
وتحويلها إلى سجن المقاطعة الذي تديره مجموعات أمنية وظيفتها التفنن في تعذيب الناس،
كانت السيدة تكستنت ولت محمد في الوقت الذي تم القبض عليها،
متزوجة وأم لطفلة صغيرة كان عمر ابنتها لا يتعدا ثلاث شهور على أقصى تقدير،
كما أن المناضلة تكستنت من سيدات المجتمع النسائي في قاوة المعروفات،
إلا أن هذا لم يشفع لها فقد تم اعتقالها في قاوة،
في وضح النهار بتهمة التعامل مع الثوار،
وتعرضها لأنواع التعذيب ،
خلال في فترة وجودها في السجن،
وهناك العديد من القصص كقصة السيدة تكستنت ولت محمد وأسوء منها،
الحاصل طلب عناصر الجيش المالي الذين كانوا حينها يستمتعون بتعذيب الناس بنشوة حيوانية غريبة مما كانوا يمارسونه من تعذيب وتنكيل بالأبرياء المقيدين بالحبال والسلاسل،
وبعد تقسيمهم للناس إلى أربعة فئات،
وفي نفس الوقت انقسم أيضا عناصر الجيش المالي إلى ما يشبه سرايا،
كل سرية كانت وظيفتها أن تتولى تعذيب مجموعة من بين المجموعات الأربعة،
وكلما شعرت مجموعة من الجنود بتعب وارهاق نتيجة للجهاد العضلي الذي بذلوه في تعذيب الناس،
حلت محلهم مجموعة أخرى من الجنود باستبدالهم في تعذيب الناس،
وكان الجنود يضربون الناس،
بأسواط مصنوعة من جلود التماسيح،
هكذا منذ الساعة السادسة صباحا حتى صلاة الظهر،
للحظات مؤلمة من الصعب نسيانها، خلال الفترة التي كان الناس يتعرضون فيها إلى التعذيب الذي لا يمكن وصفه،
ويكفي فقط أن نتخيل مدى العذاب العذاب النفسي الذي كان يشعر به الرجال،
فلا أعتقد أن هناك عذاب يمكن الشعور به كإنسان حر، أكثر من إحساسه بالعجز،
وهو الإحساس الذي تذوقه كل رجل كان يقف فوق هضبة تين إبظ في ذلك اليوم الذي لا يمكن المرور عليه هكذا مرور الكرام،
فكيف لا يشعر الرجال بالعجز وهم يشاهدون أمام أعينهم مجموعة من الخنازير دعاة الانتماء للجنس البشري،
وهم يضربون ويعذبون نسائهم وأطفالهم أمام أعينهم وهم عاجزين عن فعل أي شيء،
وأي إنسان عاقل يمكنه أن يتخيل درجة العذاب الذي كانت تشعر به تلك الفتيات،
وهن واقفات منذ الصباح على تلك الهضبة الرخوة،
والتي تصل درجة حرارتها في فصل الصيف إلى 50 لدرجة احيانا،
والجنود يتناوبون على ضربهن على أجسادهن بأسواط شديدة الغلظة صنعت خصيصا لذات العرض من جلود التماسيح،
ولا نبالغ بتاتا إذا قلنا أن ضربة واحدة من هذا أسوط الغليظ تكفي لشق جلد التمساح نفسه إلى نفصين،
فما بالك بأجساد فتيات في مقتبل العمر أجبرنا على الوقوف طويلا على هضبة رخوة في يوم شديد الحرارة،
ناهيك عن العذاب النفسي الذي لا يقل سوءا وآلما من العذاب الجسدي،
الذي يسببه للفتيات النظر إلى وجوه أباءهن وأعمامهن وأقربائهن،
وهما يتعرضون أمام أعينهن لشتى أنواع التنكيل والتعذيب الجسدي والنفسي،
إنه يوم فظيع بكل تفاصيله، ومهما حاول أي كاتب أن ينقل للقارئ المتابع صورة ولو كانت مما ما حدث في ذلك اليوم،
ستكون الكلمات عاجزة عن الوصف،
الحاصل وسط هذا التعذيب الجماعي الذي كان الناس يتعرضون له في تلك اللحظات،
خرج إليهم النقيب achaka kone وعرفهم بنفسه،
وقال أنه النقيب الفلاني
وأمر هذه المجموعة التي تقوم بتعذيب الناس، وقال إن وظيفته القبض على الثوار وتقييدهم بالحبال وجرهم إلى أهلهم مذللين،
ولهذا اطلق عليه شعب أزوادي لقب (إنغونان)
وأضاف الضابط في سرد كلامه أنه لن يترك أحد حي على وجه هذه الأرض
ويقصد في كلامه الثوار الأزواديين وكل من يقف في صفهم أو يتعاطف مع قضيتهم،
بأي شكل من الأشكال،
وفي أثناء حديثه رفع النقيب achaka kone يده إلى الأعلى وفتح كفه حتى بات كل من كان واقفا على الهضبة
يشاهد بوضوح بياض كفه،
وأمر الناس بنظر إلى بياض كفه،
وقال إنه سيمحو على الأرض كل شخص ينتمي قبيلة شمناماس وقبيلة إشضنهارا،
وسيجعلهما مثل كف يديه أي سيمحو نسل القيبلتين على وجه الأرض،
لن يترك منهما أحد حيا،
وخاصة قبيلة شمناماس،
والتي اتهمها صراحة بأن أبنائها من كان لهم الدور الأبرز في الثورة،
وفي سرد كلامه أيضا قال سأقوم بحرق كل هؤلاء الناس الموجودون على أعلى الهضبة،
ومن تبقى منكم حيا سأذهب به إلى قاوة، وأجعل شعب قاوة يرقصون على جثثهم،
وسأفعل بكم مثلما فعلت من قبل في وادي أنشواج،
الذي ارتكب فيه جرائم متتالية سيتم ذكرها في وقتها،
مثلما قلت لكم سلفا لا يمكن أن أصف لك حجم الجريمة التي ارتكبت في ذلك اليوم في حق الإنسانية وفي حق أبناء أزواد عامة وأهالي بلدية تين وكر خاصة،
لا يمكن أن أجد لكم الكلمات المناسبة التي يمكن تصف ما حدث في ذلك اليوم المقدس
عند كل المسلمين المؤمنين بوحدانية الخالق،
وهي القدسية التي لم يبالي بها عناصر الرتل وضربوا بها بعرض الحائض،
رغم ادعائهم بأنهم مسلمين والإسلام والإنسانية من أفعالهم براء براءة الذئب من دم النبي يوسف،
كل ما يمكنني قوله إنه كان يوما مؤلما بكل المقاييس،
وسقطت فيه كل القيم الإنسانية النبيلة التي تحاول الحكومة المالية تسويقها عن نفسه للعالم الخارجي،
استمر مسلسل التعذيب بمختلف أنواعه من ضرب وتنكيل والعطش والتجويع من الساعة السادسة صباحا من يوم الجمعة،
وحتى ما بعد صلاة الظهر يومها.
جريمة تين أوكر
الفصل السابع
قرابين الحرية
بعد ما يقارب من سبعة ساعات متواصلة من التعذيب والتنكيل،
قرر النقيب achaka kone آخيرا أن يعفوا عن الناس ويسمح لهم أن يذهبوا في حال سبيلهم،
لكن فرحة الناس بالعفو عنهم لم تكتمل،
لأن معاناتهم لا تزال مستمرة،
فبينما أطلق النقيب سراح الناس، قام باختيار إحدى عشر رجل من بينهم ثلاث من الثوار أي الذين تلقوا تدريبات عسكرية، وتسعة الأخرين كلهم مدنيين أبرياء عزل،
أسمائهم كل الآتي:⬇️
1-حمدي أغ إنبكا أغ محمد أحمد
2-اهمادا اغ امانكنن أغ محمد أحمد
3- الراحل محمد اغ ويكنن اغ محمد ديكنن
4- تدارفت اغ إدمي اغ محى اغ محمد احمد
5-عيسى أغ إسخان اغ صفوان
6-اهيتي اغ أكلي اغ الزمان
7-محمد -أغ إسخان اغ صفوان
8-أحمد أغ إشمراسنت اغ وايكفا
9-إبه أغ لمه اغ إهتي
10-المحمود أغ لمه أغ إهتي
11-تبيه اغ أكلي اغ الزمان
وقبل رحيل عناصر الرتل عن القرية قاموا بتسوية بعض البيوت بالأرض،
ومن بين البيوت التي سويت بالأرض تماما
بيت يعود لراحل أهماده أغ أمانكنن
وبيت ثاني يعود
للمناضل فوكله اغ عمار موسى،
يمكنك القول أن العدد الأكبر من بيوت بلدية
تين أوكر قام عناصر الرتل بتسويتهم بالأرض،
إما بشكل كامل أو جزئي فلا يوجد بيت من بيوت القرية إلا وتضرر إما بالهدم أو بتخريب و بسرقة محتوياته،
وبعد ما أنهوا تحطيم البيوت رحلوا عن القرية،
وأخذوا معهم أحد عشر رجل من أبناء تين أوكر
ومع مغادرة الرتل القرية بدأت العائلات في النزوح بشكل جماعي،
واللجوء إلى الأودية والشعاب البعيدة على القرية هربا من بطش الجنود الماليين،
الحاصل نزح الناس بشكل جماعي من القرية ولم يتبقى من سكان القرية التي كانت عامرة بأهلها،
إلا عدد قليل من العائلات التي أجبرتها ظروفها الخاصة على البقاء،
كان من الأشياء المؤلمة التي حدثت في ذلك الوقت والتي لا زالت منقوشة في ذاكرة كل من كان في تين أوكر في ذلك اليوم المشؤوم،
هو رؤية النساء بعد يوم صيفي طويل تعرضنا فيه لشتى أنواع التعذيب الجسدي والنفسي،
وهن يحملن أطفالهن بين أيديهن،
و يقطعن بهن تلك الصحراء الجافة الحارة مشيا على الأقدام،
لا لشيء إلا سعيا منهن للنجاة بفلذة أكبادهن،
جريمة تين أوكر
الفصل الثامن
رواية المناضل تبي أغ أكلي
يحدثنا السيد تبي اغ أكلي أغ الزمان عن تفاصيل ما حدث مع المجموعة الإحدى عشر شخص الذين تم اقتيادهم إلى قاوة،
فيبدأ القصة من البداية،
كان صباحنا صباح عاديا ليس فيه ما يوحي بأن يومنا سيكون مختلف عن الأيام التي سبقته،
فقد كنا جالسين في بيوتنا كالعادة،
صباح يوم الجمعة لا لنا ولا علينا،
ولم نعلم بشيء حتى وجدنا قوات من الجيش المالي،
تقتحم علينا القرية من كافة اتجاهاتها الأربعة فكان أول ما بدأوا به عناصر الرتل الدخول إلى البيوت،
وإخراج من فيهم من الناس وإجبارهم على الخروج من بيوتهم تحت تهديد السلاح،
والضرب بأسواط صنعت من جلد التماسيح،
وأمروا الناس بتوجه إلى هضبة تين ابظ والتجمع عليها،
وفعلا كما ورد في القصة لم يفرق عناصر الجيش لحظة اقتحامهم القرية بين الرجال والنساء والأطفال،
فكان كل من في القرية هدف لبطشهم وغطرستهم،
وعند وصول الناس إلى الهضبة التي أجبروا على التجمع على أعلى قمتها،
وضعوا النساء جانبا والرجال جانبا قيدوا الرجال بالحبال وطلبوا منهم الانبطاح على الأرض،
وبدأوا ينهالون عليهم بضرب بأسواط من جلد التمساح،
ومثلما فعلوا برجال فعلوه ايضا بنساء
تين اوكريات اللاتي كنا معنا على الهضبة،
قبل أن يبدوا عناصر الرتل بضربهن
أجبرنا النساء على أن يكشفن عن أكتافهن،
الحاصل استمروا عناصر الرتل في ضربنا لمدة ساعات طويلة لم يعود يمكنني تحديدها عددها بشكل دقيق،
ولم يتوقفوا قط عن ضربنا وتقديم الإهانات اللفظية لنا،
وعندما ملوا من تعذيب الناس على ما يبدو
طلبوا منا نحن الرجال الوقوف،
فقد كنا مربطين ومنبطحين على الأرض طيلة الساعات التي كانوا يعذبوننا فيها،
الحاصل طلبوا منا الوقوف على أقدامنا، واسير معهم إلى بيوت القرية التي خلت من أهلها،
وعندما وصلنا إلى البيوت بدأوا في تفتيشنا وتحطيم وتكسير البيوت، والقليل من بيوت المواطنين من بقى سالما ولم يتعرض لتخريب،
وكانوا يفتشون البيوت بيت بشكل دقيق،
وكأن أحد ما من أخبرهم أن هناك شيء مخفي بين أثاث البيوت،
وعندما لم يجدوا شيء قرروا أن يخلوا سبيل بعضنا،
بينما أخذو معهم إلى السيارات أحد عشر شخص وكنت من بينهم،
أسماء المجموعة هي نفسها التي وردت في أعلى القصة،
الحاصل بعد أن أخلوا سبيل كل أهالي القرية من أطفال ونساء ورجال،
وأكتفوا باقتياد المجموعة إحدى عشر رجل والذي كنت من بينهم،
وكان أكبر مجموعتنا سنا وربما قد يكون الاكبر سنا بين كل الحاضرين على هضبة تين أبظ،
والكلام هنا عن الشيخ حمدي أغ إنبيكا وعادوا بنا إلى السيارات،
وغادروا بنا تين أوكر ومع صلاة الظهر
وفي طريقهم إلى قاوا مروا على قرية تيجيروين وفعلوا بأهلها مثلما فعلوا بنا في تين أوكر،
إلا أنهم رغم التعذيب الذي مارسوه في حق أهالي تيجيروين نساء ورجال وأطفال إلا أنهم لم يتسببوا في مقتل أحد ولم يجلبوا معهم أحد من سكان تيجيروين،
الحاصل عند وصولهم إلى قرية تيجيروين وجمعوا الناس في ساحة تتوسط بيوت القرية وبدأوا في تعذيبهم، بنفس الطريقة التي عذبوا بها اهالي تين اوكر،
وعندما اكتفوا من تعذيب الناس عادوا إلينا،
الجريمة الكاملة
الفصل التاسع
جريمة تيجيروين
يوم الجمعة الموافق 28-7-1990
تقول المناضلة متيا ولت أجندي
والتي كانت احدى شهود عيان للجريمة النكراء التي ارتكبت في حق سكان قرية تيجيروين،
والشاهدة هي أخت الشهيد يعقوب اغ إجندي الذي استشهد مقبل غير مدبر في ملحمة توكسمين التاريخية،
بعد أن تطوع هو ورفيقه الشهيد موسى اغ حسن متجويظ،
بإيصال قذيفة ار بي جي إلى المجموعة التي يقودها القائد إياد أغ اغالي،
إلا أن البطلين لم يكتب لهم النجاة،
فاستشهدوا كلاهما قبل وصولهم إلى القاعدة،
ولازالت جثامين الشهيدين يرقدان بسلام في مقبرة شهداء توكسمين التاريخية والتي اختلط فيها دماء أبناء أزواد شرقا وغربا وجنوبا وشمالا،
تقول أخت الشهيد⬅️ كنا على علم بمجريات الأحداث،
فقد كان بيتنا الصغير في قرية تيجيروين نزل لثوار القادمين مدينة قاوة،
بعد انسحابهم منها،
بسبب حادثتي القبض على مجموعة القيادي الراحل مقدي أغ مسمد،
وحادثة اختفاء الأسلحة التي كان يعيل عليها آنذاك الثوار الأزواديين المتواجدين في مدينة قاوة،
لكننا لم نكون نتوقع أن يحدث معنا ما حدث في ذلك اليوم الأسود من تاريخ قريتنا الصغيرة،
ولم يكون نتوقع أن يكون الجيش المالي بهذه القسوة و الوحشية التي أظهرها علينا وعلى القرى المجاورة لنا في تلك الأيام،
فبعض النظر عن ما حدث في تلك الأثناء،
فنحن كنا على حسب الأعراف والمواثيق الدولية والقانون المالي نفسه مواطنين ماليين،
ولا يفترض على الجيش المالي أن يعامل مواطنيه بهذه الوحشية التي عاملنا بها في ذلك اليوم،
ونحن مدنيين لا حول لنا ولا قوة،
تقول أخت الشهيد ⬅️
لا يمكن وصف حياتنا في تلك الأيام بأنها حياة طبيعية،
فقد كنا نعلم ما يجري حولنا، ونعلم أننا معرضون للخطر في أي لحظة وكانت تصلنا أخبار الجرائم المتتالية التي يرتكبها الجيش المالي تباعا في أهلنا في عموم أرض أزواد،
وهو الأمر الذي زاد من خوفنا على حياتنا، وحياة أبنائنا وبناتنا،
لكن ليس أمامنا الكثير من الخيارات،
فحياتنا رغم أنها حتى قبل الثورة لا يمكن وصفها بمثالية على الأطلاق،
إلا إن حياتنا انقلبت رأس على عقب بعد الثورة،
فلم تعود قريتنا هي ذاتها كل شيء فيها تغيير،
رحل عنها من رحل أصبحت خالية من شبابها،
فمعظم شباب القرية إن لم يكونوا كلهم التحقوا بإخوانهم في معسكرات الجبهة،
فلم يعد يسكن القرية التي كانت عامرة بأهلها
سوى قلة قليلة من الناس أغلبهم من النساء والأطفال وكبار السن،
فالكثير من عائلات القرية أجبرت على الانتقال من بيتها في القرية إلى الشعاب والأودية المجاورة، هربا من بطش الجيش،
فالجيش المالي بعد الهزائم المتكررة التي تعرض لها على يد الثوار،
يبدوا أنه جن جنونه ولم يعود يفرق ما بين الإنسان والحيوان وحتى الجماد لم يسلم من بطشه،
أصبح كل شيء كل شيء ينتمي إلى تلك الأرض المسمى أزواد،
هدفا عسكريا مشروعا للجيش المالي،
بالبساطة الجيش المالي لجأ إلى استخدام سياسة الأرض المحروقة التي نسمع عنها ضد كل ما هو أزوادي،
الحاصل قرية تيجيروين التي كانت عامرة بأهلها انتقلت منها معظم العائلات بحثا عن ملاذا آمن،
وكانت عائلتي من بين العائلات القليلة التي فضلت البقاء في القرية،
أو لم يكتب لها الانتقال من القرية.
تفاصيل الجريمة
كنت أنا في زيارة إلى أختي التي تقيم مع زوجها في قرية تيجيروين،
وكانت لحظة دخول عناصر الرتل إلى خيمتنا نستعد لتناول وجبة الغداء،
كانت أختي الصغرى جالسة في داخل الخيمة بينما كنت أنا جالسة مقابل باب الخيمة،
كنا نتبادل أطراف الحديث لحظة اقتحام مجموعة من الجنود المدججين بالأسلحة خيمتنا،
فبدأو بالرفس بأقدامهم كل ما وجدوه في طريقهم بداية من أثافي القدر،
إلى أكياس الأطعمة التي قاموا بتمزيقها ونثرها على الأرض،
بدأ بعض من عناصر الجيش في تفتيش البيت وكسر كل محتوياته،
ولم يسلم من فسادهم أي شيء وقعت عليه أعينهم التي كانت تقطر شرا،
ولم يسلم من شرهم حتى أواني الطبخ البسيطة التي كنا نمتلكها،
أتذكر علبة حليب بودرة كانت مخصص للأطفال،
عندما وقعت عين أحد العناصر على علبة الحليب جن جنونه وكأنه وجد قنبلة
فقام وفتح العلبة ورش الحليب على الأرض،
فيمكن أن تعرف أن الجنود الذين دخلوا علينا خيمتنا في ذلك اليوم لم يكونوا أبدا طبيعيا،
فدخل أحدهم داخل الخيمة وقام بجر أختي وقيدني معها
ووضع بندقيته على كتفي وساقنا إلى الساحة التي أجمعوا فيها كل من كان في العشيرة من رجال ونساء وأطفال،
بينما وضعوا الأطفال الرضع والنساء الطاعنات في السن (العجائز) في بيت آخر،
وقاموا بإغلاقه عليهم بشكل محكم،
وكان من بين النساء اللاتي بقينا عند الأطفال الرضع والدة شيخ عشيرة قرية تيجيروين الشيخ تغلاس أغ عمار،
عندما أكمل عناصر الرتل جمع الناس في الساحة التي كانت تتوسط بيوت القرية،
طلبوا من الرجال أن يخلعوا ملابسهم وربطوا أيديهم خلف ظهورهم،
وطلبوا منهم الانبطاح على الأرض،
بينما طلبوا من النساء أن يقفن خلف الرجال في صف واحد،
وعندما أكتمل ربط الرجال وانبطاحهم على الأرض جاء إليهم جنود يحملون أسواط الجلد،
فبدأوا ينهالون عليهم بضرب المبرح، حتى سالت دماء الكثير منهم على الأرض من شدة الضرب،
وعندما انتهوا من الرجال بدأوا أيضا في ضرب النساء
الشيخ توخنيت اغ عمار
وهو الشقيق الأصغر لشيخ القرية الشيخ الغلاس اغ عمار،
والذي كان موجودا أيضا مع أبناء قريته لحظة حدوث الجريمة،
ويذكر أن الشيخ توخنيت اغ عمار هو من خلف أخيه الغلاس اغ عمار بعد فاته في منصب مشيخة العشيرة،
الحاصل طلب الشيخ المناضل توخنيت اغ عمار الذي كان من بين الرجال المنبطحين على الأرض،
وكانوا الجنود ينهالون عليهم بضرب المبرح
يمكن القول أن عناصر الرتل كانوا في حالة شاذة من الاستمتاع بضربنا وتعذيبنا ،
فكمية التعذيب الجسدي والنفسي التي تعرضنا لها ذلك اليوم لا يمكن أن يقوم بها أناس طبيعيون،
فهؤلاء الجنود من المؤكد أنهم ليس بشر طبيعيون،وبعد
أن سمحوا للبعض بالكلام، فسمحوا لشيخ
وقال الشيخ توخنيت اغ عمار
ما معناه إننا نحن الرجال يمكننا أن نتحمل الضرب والألم الذي نتعرض،
لكن النساء والأطفال لماذا يعترضون لضرب،
فهؤلاء النسوة اللاتي يعترضن لضرب،
يمكن أن يكون بينهن نساء حوامل،
فصرخ شخص يبدوا أنه الضابط المسؤول عن عناصر الرتل وطلب من النساء الحوامل أن يخرجن من الصف،
إلا أن النساء رفضنا الخروج من الصف، خوفا أن يقوم عناصر الجيش بشق بطونهن وقتلهن،
مثلما كان يحدث لجداتهن في زمن غزوات مجموعات الساحل الذين غزوا منطقة الصحراء الكبرى،
ارتكبوا فيها جرائم لم يعرف التاريخ الإنساني الحديث مثيلا لها،
وبعد أن رفضت النساء الحوامل الخروج من الصف خوفا على سلامة أبنائهن،
بقينا على حالنا واستمر الجنود بضربنا وتعذيبنا،
وعليك أن تتصور كم هو مؤلم أن تسمع صراخ الأطفال وبكاء النساء وأنين الرجال الذين أصابهم العجز،
وهم يحاولون إخفاء الآمهم عن نسائهم وأبنائهم،
أنه يوم مؤلم ولا يمكن نسيانه ولا يمكن أن يمسح من ذاكرة من عاش في ذلك اليوم،
ولا يمكن أن نغفر لمن كان سببه،
إنها ساعات ستبقى تفاصيلها المؤلمة محفورة في ذاكرتي وذاكرة كل ما عاشها،
الحاصل استمر عناصر الرتل في ضربنا وتعذيبنا وإهانتنا بشتى الطرق واستمروا على تلك الحالة طيلة اليوم،
🌱 بركة🌱
وكانت هناك بركة من الطين هي عبارة عن مكب للأوساخ قريبة من ساحة القرية التي كنا فيها،
كلما اكثروا عناصر الرتل من تعذيبنا لدرجة اننا كاد أن يفارق بعضنا الحياة نتيجة التعذيب والعطش،
وخاصة الأطفال والنساء والشيوخ،
ذهب إلى البركة بعض من عناصر الرتل وغرفوا منها وأجبرونا على شربها،
وبعض من عناصر الرتل كانت مهمتهم كب تلك الأوساخ التي غرفها بعضهم من البركة على وجوهنا وأجسادنا،
واستمر الحال هكذا على ما هو عليه يتفننون في تعذيبنا وإهانتنا إلا أن ارواحنا آبت لهم أن تفارق أجسادنا،
واستمر الوضع هكذا حتى صلاة الظهر اليوم،
وعندما قرر الرتل العسكري أن يتركنا وكان يحدث هذا عند الظهيرة، سألونا هل ما فعلناه بكم جميل؟
فنرد عليهم نعم جميل،
وعندما أكتفوا من ضربنا مع صلاة العصر طلبوا منا أن نهرول فهرولنا،
وعندما قضعنا مسافة قليلة،
طلبوا منا أن نعود أدراجنا إليهم فعدنا،
ثم تكرر معنا هذا الأمر مرة ثانية، أي طلبوا منا أن نركض ثم نعود ونتجمع في الساحة التي كنا نتعذب فيها،
وعند عودتنا في المرة الثانية من الركض،
طلبوا منا أن نصفق لهم ففعلنا ما طلبوه منا/
وعند حدود صلاة العصر،
وعندما أكتفوا من تعذيبنا حملوا أنفسهم وركبوا سياراتهم وسلكوا الطريق التي تؤدي بهم إلى مدينة قاوة،
إلا أنهم عندما قطعوا مساحة القرية، ولم يبتعدوا عنا كثيرا فلا زلنا نشاهدهم
عادوا إلينا،
🍁الشهيد عيسى اغ إسخان🍁
عندما عاد إلينا عناصر الرتل في المرة الثانية لم يكون هدفهم تعذيبنا،
بل كانوا يحملون معهم جثمان الشهيد عيسى أغ إسخان في عربة سيارة،
وقد فارق الحياة بين أيديهم نتيجة لتعذيب التي تعرض لها في تين أوكر،
وعندما وصلوا إلينا قاموا بجره من السيارة بشعر رأسه،
ورموا بجثمانه بيننا نحن النساء،
فقال أحدهم بلهجتهم ما معناه هذا فطوركن أيتها السيدات،
وعندما أكملوا كلماتهم لنا عادوا إلى سياراتهم،
فهرع الرجال إلى جثمان الشهيد عيسى أغ أسخان الذي لا يزال ملقي على الأرض،
وعندما قام الرجال بمعاينة جثمان الشهيد وجدوه منتفخ وكل طرف من جسده تغطيه أثار التعذيب،
فطلبوا مني الرجال أن آتي إليهم لتعرف على هوية صاحب الجثة،
فامتنعت عن النظر في الجثة لأن قلبي لا يسمح بنظر فيه في تلك الأثناء،
فقاموا الرجال الذين كانت دمائهم لا زالت تسيل على ظهورهم من الشدة الضرب والتعذيب الذي تعرضوا له،
برفع جثمان الشهيد عيسى أغ أسخان ودفنه في مقبرة القرية،
وعندما انهوا الرجال القرية من طقوس دفن جثمان الشهيد عيسى أغ إسخان في مقبرة قرية تيجيروين،
عادوا إلينا وفي طريقهم إلينا أستوقفهم رتل عسكري ثاني من الجيش المالي كان يعبر الطريق إلى قاوة،
وصار بين الرجال وعناصر الرتل العسكري المالي حديث لم يطول كثير،
بعد محادثة قصيرة بين الرجال وعناصر الرتل العسكري الثاني،
سمح لهم الرتل بالرجوع إلينا،
ولم يتعرض لهم بسوء، وأكمل الرتل طريقه إلى قاوة،
وبعد هذه الحادثة بدأت عائلات قرية تيجيروين بنزوح والهروب من بيوتهم إلى خارج القرية،
بحثا عن ملاذ آمن لهم ولي مواشيهم،
مر على قرية تيجيروين يوما أليما بكل ما تحمله الكلمة من معنى،
وأعتقد جازما أن لا أحد عاش ذلك اليوم يمكن أن تمحى تفاصيله من ذاكرته،
على الرغم من قساوة اليوم الذي عشناه في قرية تيجيروين إلا أنني سمعت أنه لا يقارن بما مر على أهالي تين أوكر،
جريمة تين أوكر
رواية تبي أغ أكلي
الجزء الثاني
وعند مغادرة الرتل قرية تيجيروين كانوا ينون التوجه إلى قرية إيمنيغل إلا ان سقوط المطر وتدفق ماء السيل في الأودية
حال بينهم وبين الوصول إلى إمنغيل،
وكانوا فعلا ينون ارتكاب فيه جريمة اخرى،
إلا أن قدرة الله تدخلت وحفظت أهالي قرية إمنيغيل مما كان يدبر ضدهم،
فقد كان أمر الرتل على ما يبدوا صدرت له الأوامر لإرتكاب جريمة في عموم قرى تيلمسي التي يقطنها شعب شمناماس،
الحاصل بعد أن أنقذت قدرة الله أهالي قرية إيمنيغل من المصيبة التي حلت بالعديد من القرى المجاورة لقريتهم.
أتجه بنا الرتل بشكل مباشر إلى قاعدة( كورقوسوا)
وعندما وصلنا أنزلونا من السيارات وكنا في حالة مأساوية،
وبقينا محتجزين في قورقوسوا لقرابة ساعة،
وكانوا طيلة تلك الساعات التي قضيناها في كورقوسوا كانو عناصر الأمن يتناوبون على استجوابنا، وطرح العديد من الأسئلة المتعلقة بثورة والثوار،
وبعد أن أكملوا استجوابنا في قاعدة كورقوسوا قاموا بتسليمنا إلى مركز الجندرمية في قاوة،
وبمجرد أن اصبحنا تحت سلطة الجندرمية بدأوا ايضا بدورهم في استجوابنا وكانوا طيلة فترة استجوابنا ينهالون علينا بضرب، ويطرحون علينا ذات الاسئلة المتعلقة بثورة ونستمر نحن في الأنكار،
ومع صلاة المغرب من ذات اليوم،
أكملوا استجوابنا فوضعونا في سجن سلول سجن مشهور من النادر أن يدخله إنسان في تلك الأيام ويخرج منه حيا،
وممن دخله من الثوار وخرج منه حيا، أصبح يعاني من أمراض نفسية،
قضينا في سجن سلول هذا ثلاث ليالي متتالية،
في أول ليلة قضيناها في السجن قدموا لنا وجبة خفيفة لم اعد اتذكر محتواها،
وبعد تلك الوجبة اليتيمة حرموا من الماء والأكل،
وكنا نقضي يوم أو يومين من دون أن يقدموا لنا شيء،
وعندما يحضرو لنا شيء يقدموه قليلا لا يسد رمق أحد،
وفي صباح أول ليلة قضيناها في سجن سلول التابع للجندرمية،
لأسباب أجهلها قاموا بالأفراج على أثنين من عناصر مجموعتنا،
والمفرج عنهما وهما:--
1-الشيخ الراحل حمدي اغ إنبكا اغ محمد احمد
2- الراحل أحمد أغ أشمراسنت اغ وايكفا
المهم أنهم أخرجوهم من السجن ورافقوهم إلى كورقوسوا ثم اطلقوا سراحهم هناك وذهبوا في حال سبيلهم،
وبعد أن قضت مجموعتنا ثلاث ليالي في السجن،
وفي الليلة الثالثة من لدخولنا السجن
فتحوا علينا باب السجن ونادوا على كل
كل من:-
1-الراحل اهماده اغ اما نكنن محا
2-الراحل محمد أغ إسخان اغ صفوان
3-إهتي أغ أكلي اغ الزمان
4-الراحل تدارفت اغ إدمي محا اغ محمد احمد
5الراحل محمد أغ وايكنن اغ محمدين
فبقينا نحن الاربعة في السجن
1- تبيه اغ اكلي اغ الزمان
2- محمود اغ لمه إهتي
3-إهتي اغ اكلي اغ الزمان
4-إبه اغ لمه أغ إهتي
وبمجرد خروج مجموعة أهمادة أغ أمانكنن من السجن،
انقطعت عنا أخبارهم فلم نعد نعلم عنهم شيء،
وأصبحنا نجهل مصيرهم هل هم لا يزالون على قيد الحياة؟
أم أنهم تمت تصفيتهم بعد خروجهم من السجن مباشرة؟
الشيخ المؤمن اغ كيو
وبعد أن قضينا في السجن قرابة عشرين يوما تمكن الشيخ الراحل المؤمن اغ كيو طيب الله ثراه بعد محاولات عديدة تمكن من إيجاد وسيلة لزيارتنا في السجن،
والحقيقة هي ليست زيارة بالمعنى المفهوم لزيارة فهو لم يسمحوا له أن يلتقي بنا،
ما حصل له أنهم سمحوا له فقط أن يطل علينا بشكل سريع وخاطف من نافذة السجن،
ونادى علينا من النافذة وسأل عن أسماء المساجين الموجودون في السجن،
فوقفت وأخبرته اننا نحن الثلاث الموجودون في السجن،
1-تبي اغ اكلي أغ الزمان
2-محمود اغ لمه أغ إهتي
3-إبه اغ لما اغ إهتي
وقبل أن يغادر سألته عما إذا كان الأشخاص الذين كانوا معنا أحياء أم أموات، وأقصد هنا مجموعة أهماده اغ أمانكنن،
فلم يرد علي بكلمة بسبب ملاصقة عناصر الجندرمية له،
فهم لم يسمحوا له إلا أن يلقي نظرة خاطفة يسأل عن من يقبع في السجن من رعيته،
ولم يسمحوا له بأكثر من ذلك فالأوضاع الامنية في تلك المرحلة شديد الخطورة،
وبقاء الشيخ الراحل المؤمن اغ كيو مرابطا في قاوة هو ذاته يمثل مخاطرة حقيقية على حياته،
ففي تلك الأيام أصبح كل ما له علاقة بشعب كل تماشق هدف مشروع سوى من قبل الأجهزة الأمنية المالية،
أو من قبل الميليشيات العرقية التي أعاثت في الأرض فسادا،
ناهيك عن أن الشيخ كان يتنقل بسيارته الخاصة بشكل يومي بين الأجهزة الأمنية، لمساعدة المساجين ليس فقط الذين يقعون تحت سلطته التقليدية، إنما كان يقدم المساعدة لكل أبناء أزواد بعض النظر عن هويتهم،
فقد كان لشيخ الراحل المؤمن أغ كيو
دور إنساني ونضالي بارز في كل الأحداث الثورية التي مرت على تلك البقعة من الأرض،
فقد ساهم من خلال مركزه الاجتماعي في إطلاق العديد من الأسرى و المخطوفين من عموم أبناء الشعب الازوادي،
في السجون الأمن المالي وهناك العديد من الأمثلة والشواهد على ذلك،
الحاصل بمجرد أن اجبته غادرنا رحمة الله عليه واسكنه فسيح جناته،
إلا إن الشيخ المؤمن كيو طيب الله ثراه
كلف شخص يعمل عنده بإيصال الطعام والماء إلينا بشكل يومي،
واستمر هذا الوضع شهر وأربعة عشر يوما ما جعل حياتنا في السجن تتحسن وأصبح لدينا بارقة امل جديدة في الحياة،
إلا أن هذا الأمل في الحياة الذي كنا نشعر به ونحن في السجن سرعان ما تبدد،
وأصبح الشعور بالخوف هو المسيطر علينا، وليس الشعور فقط على حياتنا هو ما يخفينا، إنما الخوف على حياة الشيخ المؤمن اغ كيو هو ما يخيفنا،
وشعرنا بهذا الخوف عندما قامت الاجهزة الامنية
بالقبض على الشيخ المؤمن اغ كيو والشيخ حمادي أغ هدية،
ووضعهم تحت الإقامة الجبرية وأجبروهم على الجلوس تحت شجرة قريبة من السجن الذي كنا فيه،
ظل الشيخ المؤمن اغ كيو
والشيخ حمادي أغ هدية
تحت الإقامة الجبرية لمدة ثلاث أيام بلياليهما وبعد ثلاث أيام قاموا بإخلاء سبيل
الشيخ المؤمن اغ كيو والشيخ حمادي اغ هديه،
وفي صباح ليلتنا الرابعة والأربعون في السجن،
عاد إلينا الشيخ المؤمن اغ كيو للمرة الثانية وكان هذه المرة بمفرده،
القيت نظرة من نافذة السجن فرأيت سيارته واقفة،
فأدركت أن هناك شيء ما طرأ على وضعنا في السجن،
لك لست متأكد ما هو هذا الشيء، فقلت لرفاقي في السجن أعتقد أن هناك شيء ما سيحدث لنا اليوم،
وفعلا كما توقعت لم يخب ظني فقد قاموا بإخلاء سبيلنا في نفس اليوم،
وتسليمنا إلى الشيخ المؤمن اغ كيو والذي غادر بنا من السجن إلى جهة النهر،
كنا في حالة إنسانية يرثى لها،
عندما أطلقوا سراحنا بقدرة قادر ذهبنا إلى مكب أو مخزن أو شيء من هذا القبيل،
المهم هذا الشيء كانوا حراس السجن يضعون فيه ملابس واحذية وساعات الناس الذين قاموا بتصفيتهم،
أو من لا يزال قيد الاعتقال،
وبدأنا في تفتيش الركام الموجود في المخزن بحثا عن ملابسنا،
وفعلا وجدنا ملابسنا
إلا لم نعثر على عماماتنا،
الحاصل غادر بنا الشيخ المؤمن اغ كيو إلى النهر واشترى لنا صابون، فبدأنا في تنظيف انفسنا،
تركنا الشيخ بجانب النهر وذهب هو في سيارته واشترى لنا عمامات من كتان بوكار الفاخر وأرسله لنا مع شخص كان أجير عنده،
ثم عاد هو نفسه ورافقنا إلى بيته في قاوة وقضينا في بيته مدة من الزمن لم أعد اتذكرها بالتحديد، ثم غادرنا وعدنا إلى ما تبقى من أهلنا تين اوكر الذين فرحوا بعودتنا، وفرحنا أيضا بالعودة إليهم، رغم أن الفرحة ناقصة بفقدان أخوة لنا،
وليس هناك شيء يمكننا أن نفعله لهم سوى أن تذكرهم وندعو لهم برحمة والمغفرة،
جريمة تين اوكر
الفصل التاسع
العصر الذهبي الثاني
سأعود بكم إلى الوراء قليلا لنقف على الأجواء العامة التي كانت تعيشها بلدية تين أوكر وأهلها قبل وقوع الجريمة،
وبتحديد إلى الفترة التاريخية التي بدأ فيها الثوار الأزواديين بالعودة إلى أرض أزواد،
قادمين إليه من ليبيا حيث تلقوا تدريبات عسكرية،
كانت تين أوكر في تلك الحقبة الزمنية
تعيش انتعاشا في كافة المجالات الحياتية، يمكن تسميت تلك المرحلة بالعصر الذهبي الثاني،
فقد كانت تعيش نهضة اجتماعية تنموية تعليمية لم تشهد مثيل لها بعدها،
وهناك أمور عديدة ساهمت في النهضة التي كانت تمر بها بلدية تين اوكر وعموم منطقة تيلمسي، ومن بين تلك الأمور التي ساهمت في النهضة التي كانت تمر بها تين اوكر،
عودة العديد من العائلات التي كانت منتشرة في أودية ومروج منطقة تيلمسي، لتستقر في تين أوكر،
بل وهناك عائلات عادت من الجزائر واستقرت في تين أوكر ومن بينها عائلة فوكله اغ عمار وغيره،
وشرعت هذه العائلات في بناء البيوت وتشيد المحلات التجارية في القرية،
والتحقوا أبنائهم بالمدرسة،
فأصبحت المدرسة عامرة بالطلاب من مختلف الأودية القريبة،
ومن بين الأطفال الذين كانوا يدرسون في مدرسة تين أوكر،
أطفال يتم إرسالهم من ذويهم للالتحاق بدراسة في مدرسة القرية،
فيقوم أقربائهم القاطنين في القرية برعايتهم وتوفير السكن لهم،
كما تقدم المدرسة ذاتها بعض الخدمات الأساسية لطلبة،
كتقديم بعض الوجبات اليومية لهم،
جريمة تين أوكر
الفصل العاشر
الراحل تدارفت أغ آدمي أغ محا
بعد أن أعطت القيادة العليا لثورة في ليبيا أوامرها لثوار بالعودة إلى أرض الوطن، استعدادا لبدأوا العمليات العسكرية،
أصبحت تين أوكر مثلها مثل باقي القرى المحيطة بها تعج بثوار القادمين إليها من مختلف المناطق،
وكان بيت الراحل أهماده اغ أمانكنن أغ محى و
بيت الراحل تدارفيت أغ إدمي أغ محى
بالإضافة إلى بيت المناضلة مية ولت دنبو، والتي كان لها النصيب من التعذيب التي تعرض لها الناس فقد كانوا يمتلكون معلومات دقيقة تفيد بأن بيتها كان نزل لثوار،
الحاصل تحولت البيوت الثلاث التي ذكرناها إلى ما يشبه ثكنات عسكرية،
يلتقي فيهما الثوار لتدريب ومناقشة قضاياهم اليومية ويحدث بشكل يومي،
وكان الراحل تدارفيت أغ إدمي أغ محا
من بين الشباب الأوائل الذين التحقوا بمشروع التحرر منذ الايام الأولى في ليبيا،
فقد تلقى أولى أساسيات التدريب العسكري في معسكر بني وليد. 1981،
ثم كان من بين الذين شاركوا في الحرب العربية الإسرائلية 1982 حرب لبنان،
وتلقى تدريبات عالية المستوى،
ومن بين تلك التدريبات تدريبات خاصة بمراسم استقبال الرؤساء والدبلوماسيين
فكان رحمة الله عليه يدرب زملائه الثوار على مثل تلك التدريبات في بيت العائلة في تين أوكر،
يقينا من الثوار في ذلك الوقت أن تحرير أزواد وإعلان الجمهورية الأزوادية المستقلة،
ما هو إلا مسألة وقت، وكان يحدث هذا قبل خيبة الآمل التي سببها لثوار،
اعتقال مجموعة مجدي اغ مسمد وما تلى ذلك من اختفاء الأسلحة التي كان يعيل عليها الثوار في قاوة،
المناضل فوكله أغ عمار أغ موسى
يخبرنا المناضل فوكله أغ عمار ابن عم الراحل تدارفت أغ أدمي
ورفيقه في النضال الثوري،
أن الراحل تدرافت أغ أدمي غادر ليبيا بعد عودته من الحرب العربية الاسرائلية وكان ذلك في نهاية العام
1982 وأستقر في مسقط رأسه تين أوكر.
وعندما بدأ الثوار في العودة من ليبيا إلى أزواد عام 1987 أصبح بيت الشهيد في تين أوكر نزل لثوار،
يقول المناضل فوكله أغ عمار التقيت براحل في تين أوكر بعدما قررت العودة من الجزائز التي كنت أقيم فيها مع عائلتي،
والاستقرار بشكل دائم في تين أوكر،
وعندما عدت وجدته هو مجموعة أخرى من الثوار في تين أوكر وشكلنا فيها خلية ثورية،
عندما وقعت الحادثة التي تم فيها القبض على مجموعة القيادي مجدي اغ مسمد وما تلى ذلك من أحداث أجبرت الثوار على الخروج من قاوة،
والتوجه إلى تيجريرت قررنا نحن البقاء في تين أوكر،
حتى يكتمل خروج الثوار فالكثير من الثوار ليسوا من المنطقة،
ولا بد أن نبقى لمساعدتهم حتى يكتمل وصولهم إلى قاعدة تيكارت،
ثم نلتحق بهم،
وفعلا ذهبنا على نفس الخطة التي رسمناها في البداية. وعندما لم يتبقى من الثوار سوى مجموعة صغيرة، أتذكر منها
الراحل أهماده أغ أمانكنن
الراحل تدارفت أغ إدمي
الراحل أيوب أغ اجليد
وعدد قليل من الثوار لم تعود تحضرني أسمائهم.
وبعد أن تأكدنا من خروج الثوار ولم يبقى إلا سوانا ومجموعة صغيرة، قررنا بدورنا أن نجهز أنفسنا غدا للمغادرة ونلتحق بباقي الثوار في قاعدة تايكارت،
لكن قبل أن نغادر من الواجب علينا أن نذهب إلى أهلنا ونلقي عليهم تحية الوداع وخاصة أنهم في نفس المكان،
وهذا بتحديد ما فعلناه فقد طلب من الراحل تدارفت اغ أدمي أن نذهب إلى الأهل ونودعهم قبل أن نغادر ونطلب مباركتهم، فلا أحد يمكنه التكهن بما سيحدث له،
فذهبنا إليهم في إين تسلات حيث كانوا يقيمون في تلك الأيام ،
وعندما غادرنا بيوت العشيرة في منطقة إين تسلات ونحن في طريقنا إلى تين أوكر القرية،
أخبرنا الراحل تدارفت أغ أدمي أن والده،
طلب منه أن لا يذهب ويتركه وفي حال ذهب فلن يغفر له،
ويعتقد أن سبب رفض والد الراحل تدرافت لفكرة رحيله عنه للمرة الثانية،
هو الحادثة التي وقعت مع الراحل تدارفت نفسه في حرب لبنان،
فقد فوقد في لبنان فترة اختفت أخباره هناك مدة من الزمن،
ولم يعد أحد يعرف عن مصيره شيء، فربما قد خشى والده ان تتكرر معه تلك الحادثة،
وعندما أخبرنا الراحل بفحوى الحديث الذي دار بينه وبين والده،
قلت له من كان مثلك لا يفترض به أن يصغى إلى كلام الكبار،
فهم لا يعلمون شيء مما يحدث حولهم،
وعلى قدر ما رجوته على أن يرافقني إلا أنني عجزت عن إقناعه بمرافقتي،
وعندما عجزت عن إقناع الراحل تدارفت أغ إدمي عن مرافقتي،
ذهبت والتقيت براحل أهماده أغ أمانكنن،
وطلبت منه أيضا أن يرافقني،
إلا أنه رفض أيضا مرافقتي وتحجج بأن ظروفه الشخصية لا تسمح له بالمغادرة وسيبقى قليلا حتى يرى كيف سيؤول الأمر, وبعدها سيقرر ماذا سيفعل،
فاستغربت منه وقلت له ألا تعلم أنك من ضمن الأشخاص الذين تترصدهم العيون فكيف لك؟
أن تبقى فمن الصعب بل مستحيلا أن تسلم مما يحدث في حال قررت البقاء هنا في تين أوكر،
طلبت منه أن يترك كل شيء. ويفعل مثلما فعلت فطلبت منه أن يقيس ظروفه بظروفي، قلت له أنظر إلى عائلتي كيف تخليت عنها هنا، فأنا أعلم أنها في أمان ولن يصيبها إلا ما أصاب أهلها،
في النهاية ماذا سيحدث معها وهي بين أهلها،
وكنا نناقش هذا الأمر طيلة الليلة لكن بدون جدوى فالمكتوب مكتوب ولا مفر من وقوعه،
وفي نفس صباح قام الثوار بعملية تاركنت التاريخية،
وتزامن هذا مع مغادرة القيادي الراحل بونه أغ الطيوب في أتجاه قاعدة تايكارت،
وبعد ساعة تقريبا من مغادرته جاء إلينا في تين أوكر،
المناضل حسنت أغ مهدي
والراحل أيوب أغ أجليد
فأخبرت رفيقاي أن هؤلاء لا يمكنني البقاء خلفهم،
فغادرت تين أوكر برفقة الراحل أيوب أغ اجليد
والمناضل حسنت أغ المهدي،
وكانت تلك هي آخر مرة أشاهد فيها الراحل تدارفت أغ أدمي.
والراحل أهماده أغ أمانكنن
رحمة الله عليهم
وباقي تفاصيل القصة يعلمها الكل،
جريمة تين أوكر
الفصل الحادي عشر
النقيب achaka kone
الشيء المؤكد أن النقيب achaka kone
كان يمتلك معلومات دقيقة وشاملة على سكان تين أوكر، وكان على علم من سافر من شبابها والتحق بمعسكرات الثورة في ليبيا ثم عاد حديثا،
كان النقيب achaka kone يمتلك معلومات دقيقة عن الشخصيات التي تتبنى الفكر الثوري في تين أوكر،
وكان قبل اقتحامها القرية يعلم البيوت التي كان الثوار يلتقون فيها،
ولهذا عندما قام عناصر الرتل بجمع الناس على هضبة تين أبظ
كانت السيدة مية ولت دنبو أغ إسراد
أكثر النساء تنوكريات اللاتي تعرضن لتعذيب، كون بيتها كان إحدى البيوت التي كان الثوار يلتقون عنده،
وكانوا يتناوبون على استجوابها وضربها طيلة اليوم حتى اصبح جسدها ينزف في كل مكان،
ومن الاسئلة التي كانوا يطرحونها عليها ما يتعلق بالأسلحة واماكن تواجدها،
وغيرها من الأسئلة والتي تدور كلها في فلك الثورة،
وعندما لم يتمكنوا من الحصول على أجوبة لا سألتهم،
أتوا براحل عيسى اغ اسخان الذي كان بين الحياة والموت فبدأوا في تعذيبه أمام أعين النساء،
وعندما لم تنجح عمليتهم هذه قاموا بحفر حفرة كبيرة،
واتوا بمجموعة من الراجل،
فقالوا لنساء أما تخبرونا بكل ما تعرفونه عن الثوار وأما سنذبحكن ونضعكن في هذه الحفرة مع هؤلاء الرجال ونشعل فيكم النار وكانوا يقصدون ما يقولون،
فردت عليهم السيدة مية ولت دنبو نحن لا نعلم شيء ففعلوا ما تشاؤون،
ولن يكون إلا ما شاء الله، وتزامن هذا مع ورود أتصال من قاوة من شخص رفيع المستوى، أمرهم بعدم أرتكاب الجريمة في تين أوكر كما خططوا هم،
أن يأتوا بالأسرى إلى قاوة ويرتبكوا جريمتهم أمام الشعب في قاوة،
والهدف من ذلك واضح رفع من معنويات الشعب التي نزلت إلى الحضيض بسبب عدد الهزائم العسكرية التي مني بها جيشهم على يد من الثوار الازواديين الأحرار،
البصاصيين
الحاصل كان الرتل يمتلك معلومات مفصلة عن سكان القرية قبل هجومه عليهم،
وكانت تصله معلومات شبه يومية وهو ما جعله، يعلم من كان ينتمي بينهم إلى معسكر الثورة،
وكل هذه المعلومات توفرت لديه نتيجة للعيون التي زرعتها الأجهزة الأمنية بين أبناء المنطقة،
ومن المؤسف أن يكون هؤلاء البصاصيين الذين تسببوا بهذه الكارثة وغيرها من الكوارث التي أرتكبت في عموم أزواد،
أن يكون هؤلاء البصاصيين من أبناء المنطقة نفسها،
وهم عبارة أناس باعوا ضمائرهم بأبخس الأثمان، فقد أعتاد النظام المالي أن يشترى ذممهم ماضر،
مقابل القليل من من الدراهم او من خلال وعودهم بمناصب ومراكز في الدولة،
وأصبح يستخدمهم ضد أبناء جلدتهم،
كلما ثاروا وحاولوا استرداد حقوقهم وحريتهم المسلوبة.
جريمة تين أوكر
الفصل الثالث عشر
الراحل اهمادة اغ امانكنن
بين السطور
يعد الراحل أهماده أغ أمانكنن
من بين الشخصيات البارزة لمجتمع تين اوكر،
و كان رحيله يمثل خسارة وانتكاسة كبيرة للمنطقة،
لما كان يقوم به الراحل من دور إنساني واقتصادي بارز،
ساهم من خلاله بشكل كبير في النهضة العمرانية والاقتصادية والتعليمية التي كانت تمر بها تين اوكر الفترة ما قبل وقوع الجريمة،
فكان الراحل يمتلك سيارتين إحدى تلك السيارتين شاحنة خصصها لنقل البضائع والسلع التموينية من الجزائر إلى منطقة تيلمسي،
وهو الأمر الذي ساهم به في التنمية المكانية،
وعندما تصل سيارة المخصصة لنقل البضائع كان يقوم الراحل بنفسه بتقديم بعض المعونات للعائلات المحتاجة في القرية،
فقد عرف عن الراحل حبه لفعل الخير ومساعدة المساكين من أبناء منطقته على حسب قدرته،
وهذا الأمر هو ما جعله يحظى بمركز اجتماعي مرموق بين الناس،
حتى أصبح دوره ومركزه المتنامي في مجتمعه المحلي محل حسد حتى من أقرب الناس إليه،
وأصبح عيون البصاصيين الذين زرعهم النظام المالي العفن تترصد كل تحركاته،
وخاصة أنه من بين الشباب الذين التحقوا بمعسكرات الثورة في ليبيا،
وهذا الأمر بحد ذاته يمثل أمر خطير في تلك الفترة، قد يكلف صاحبه حياته،
ناهيك عن الأفكار الثورية التقدمية التحررية التي أصبحت من عقلية الراحل وكان شديد التأثير على شريحة الشباب،
وقد تكون هذه أفكار الحرة التي يحملها الراحل،
وتأثيره على المجتمع وخاصة شريحة الشباب منه، والتي كان بمثابة الأب الروحي لها آنذاك،
وكما ساهمت أفكار الحرة متناقضة مع العقلية السائدة أنداك في المنطقة،
والتي تتحكم فيها العقلية القبلية والمصالح الشخصية دون النظر في الكثير من الأحيان للمصلحة العليا والمشتركة للمجتمع
ومن المرجح هنا بنسبة مرتفعة أن تكون كل تلك الأمور التي ذكرت،
هي التي ساهمت فأن يكون اسم الراحل على رأس قائمة المطلوبين لدى الأجهزة الأمنية المالية،
وبأن يصدر في حقه حكم غيابيا يقضي بالإعدام،
ينقلنا ابن تين أوكر إلى زاوية أخرى في حياة الراحل أكثر تعمقا فيقول في هذا الصدد على الرغم انني فقدت أخا عزيزا لم تشبع نفسي من رؤيته بعد،
فعندما ولدت كان أخي الراحل تدارفت أغ أدمي مسافر خارج الوطن منذ مدة طويلة،
وعندما عاد من سفره في بداية الثمانينات إلى تين اوكر مسقط رأسه،
لم استطيع الاحتكاك به عن قرب، بحكم أنه دائما مشغول مع رفقاءه الثوار،
وقليلا جدا ما كان الراحل يجتمع معنا في مكان واحد،
علي الاعتراف أن حجم الألم
الذي تسببه لي فقدان أخي فهو أكبر من أي ألم قد يتخيله الأنسان،
فالأخ لا يمكن تعويضه ولا يمكن لأحد أن يحل محله،
لكن أصدقك القول إن حجم الحزن والألم الذي شعرت به بصفة شخصية،
حينما علمت بمقتل الراحل اهماده اغ امانكنن لم أشعر بذات الألم عندما علمت بمقتل أخي تدارفت أغ إدمي،
على الرغم ان كلاهما تم تصفيته في نفس الوقت والمكان وبنفس الطريقة المتوحشة،
وهذا يرجع إلى المكانة التي كان يحظى بها الراحل اهماده اغ امانكنن ودوره البارز في المجتمع وقربه من الناس،
وهو الامر الذي كان خلف إدراج اسمه في قائمة المطلوبين لدى الأجهزة المالية قبل الثورة، كما أسلفنا
إلا أنه استطاع بمساعدة بعض القيادات الاجتماعية للقبيلة أن يسحب أسمه من قائمة المطلوبين،
ويحدث هذا قبل إعلان العمليات العسكرية لثوار في منتصف التسعينات،
جريمة تين اوكر
الفصل الرابع عشر
فاجعة رحيل الأب
الراحل اهماده اغ أمانكنن كان متزوج وأبا لخمسة أطفال وأكبرهم سنا الشيخ وكان عمر الشيخ تسعة أعوام عند مقتل والده،
وكان حاضرا لحظة اعتقال والده في تين أوكر واقتياده إلى قاوة،
والتي تم تصفيته فيها بشكل أقل ما يمكن وصفه بأنه بعيد عن ما قد يخطر في بال الأنسان من وحشية،
ومن غرائب ما حصل مع الطفل الشيخ بعد سماعه لمقتل والده،
وهي قصته التي سأحاول سردها لكم مثلما نقلها لي أقربائه،
قد لا يصدق تفاصيل القصة الكثير من الناس،
كونها أقرب ما تكون إلى قصص الأفلام الهندية المبنية أساسا على الخيال،
لكن ما يمكنني تأكيده للقارئ،
هي المصداقية الكبيرة التي يحظى بها الأشخاص الذين نقلت عليهم تفاصيل القصة وهم أقرب الناس لطفل المفجوع بمقتل والده، لا يزالون على قيد الحيا،
تبدأ قصة الطفل الشيخ والذي كان عمره تسعة سنوات عند مقتل والده،
كأي طفل من أطفال تين أوكر، يداوم في دراسته بشكل منتظم، ويقوم بواجباته المدرسة بشكل منتظم،
إلا أن حياة الطفل الشيخ انقلبت رأس على عقب،
تزامن هذا التغيير الذي طرأ على حياة الشيخ مع سماعه لخبر مقتل والده،
فعندما أستيقظ في صباح في اليوم الثاني من سماعه لخبر مقتل والده،
وجده من كان حوله من الناس أنداك،
شعر رأسه وقد امتلاء شيبا حتى لم يبقى من شعر رأسه خصلة سوداء،
وهذه الحالة حيرت الكثير من الناس، فالطفل لا يزال صغيرا فحتى معنى الموت لم يستوعبه بشكل كافي،
وليس هذا فقط فقد عانا الشيخ من عقدة نفسية منعته من الكلام،
لازمته مدة من الزمن من تاريخ سماعه لخبر مقتل والده حتى عام 2012،
أي أكثر من 22 سنة وهي المدة الزمنية، التي تعايش فيها الشيخ مع حادثة مقتل والده،
عندما ثار الشعب الأزوادي على المستعمر المالي للمرة الثانية في غضون عقد من الزمن،
وأعلنت الحركة الوطنية عملياتها العسكرية لتحرير المدن الازوادية من الوجود المالي،
فكان الشيخ من بين آوائل الشباب الأزوادي الذين لبوا نداء الثورة والتحقوا بإخوانهم الثوار،
وعندما بدأت العمليات العسكرية كان من ضمن القوات الثورية التي كانت تحت إمرة
العقيد أنتالة اغ السيد،
مع صدور الأوامر لقوات الثوار التي كانت آنذاك متمركزة في منطقة ظاكاك بتحرك وانطلاق العمليات العسكرية،
كان المناضل الشيخ والذي أصبح شابا ناضجا من ضمن الرتل العسكري الذي يقوده العقيد أنتالة اغ السيد كما أسلفنا،
والذي كلف بالإضافة إلى قوات عسكرية أخرى بتحرير معسكر أمشش،
وكان الشيخ يتولى مهمة الرماية على مدفع 23 المضاد لطائرات،
عندما بدأت قوات الثوار في التقدم والهجوم على معسكر أمشش عام 2012،
لتحرير المعسكر من القوات الأجنبية التي كانت متمركزة فيه منذ عقود،
وتتخذه قاعدة عسكرية ضخمة لم يستطيع الثوار خلال كل الثورات التي قام بها الشعب الأزوادي من تحريره،
وحتى الاقتراب من أسواره الحصينة،
الحاصل مع تقدم قوات الثوار،
طلب من الشيخ أن يطلق نار مدفعه على الجنود المتمركزين داخل المعسكر،
فنفذ الأمر الذي طلب منه حتى أفرغ خزنة قاذف المدفع 23،
وعندما انتهى من الرماية سمعوا الناس صوته وهو يصرخ الأول مرة منذ 22 سنة،
ويخبرنا ابن عم الشيخ،
أنه عندما زاره عام 2003 وجده يعيش حالة نفسية صعبة كتلك الحالة التي تصيب أطفال التوحد،
فلا يتحدث مع أحد ولا يحتك مع أحد، وعلى قدر ما حاولت عمته التي تكفلت برعايته وتربيته بعد مقتل والده،
أن يستمر في دراسته إلا أنها فشلت في ذلك، بسبب كرهه الشديد لكل ما له علاقة بمالي،
يخبرنا ابن عم الشيخ أنه عندما زارهم للمرة الثانية وكان ذلك بعد سنة 2012 أي ما قبل الانتفاضة الشعبية التي انطلقت أنداك، والتي كانت من نتائجها إلان تحرير كامل الأراضي الأزوادية من المستعمر المالي،
سبحان الله قد وجده عللى هيئةإنسان آخر غير الذي تركته عام 2003 إنسان يمارس حياته بشكل طبيعي،
والأغرب من هذا أن شعر رأسه الذي كان تغطيه الشيب في آخر مرة شاهدته فيه سنة 2003،
عاد إلى طبيعته
لم تعد توجد فيه خصلة من الشعر الأبيض،
الحاصل كان الشيخ جسد بلا روح، إنسان ميت لا شيء يرجى منه، وفجأة عادت الروح تسري في جسده، وأستعاد حياته التي فقدها يوم فقد والده،
جريمة تين أوكر
الفصل الخامس عشر
المجــــــــــــــزرة
مع وصول الرتل إلى قاوة قام النقيب achaka kone بترويج لخبر بين أفراد الشعب في قاوة،
بأن قواته العسكرية تمكنت اثر عدد من المجرمين والصوص وقطاع الطرق،
الذين ساهموا في التمرد على الحكومة المالية المركزية والتسبب في مقتل العشرات من الجنود الماليين،
المجرمين ,واللصوص وقطاع الطرق ,هي مجموعة الأوصاف التي كانت تطلقها الأجهزة الأمنية على الثوار الأزواديين قبل اتفاقية الجزائر لمحاولة من الدولة المالية التقليل من الثورة،
ودعا النقيب achaka kone الشعب المالي في قاوة لحضور الاحتفالية
البهيجة، والتي يتخللها عدة فقرات وخاتمتها ستكون إعدام المجرمين في الساحة العامة التي
تقع بالقرب من مقبرة حي كاتريم في وسط قاوة،
وفعلا بعد خمسة أيام تقريبا من وصول مجموعة قرابين الحرية إلى قاوة،
تم أخذ الراحل اهماده اغ أمانكنن وزملائه الأربعة
1- محمود أغ أسخان
2- تدارفت أغ إدمي
3-محمد اغ ويكنن
4-إهتي أغ أكلي
إلى الساحة التي وردت في الإعلان، وكانوا عناصر المجموعة الخمسة مكبلين بالسلاسل، فكان الجيش المالي في تلك الفترة بعلم جيدا أن بعضهم على درجة عالية من التدريب العسكري
حضر الشعب الذي كان يضمر حقد دفينا وكرها عميقا تاريخيا في الموعد والمكان المحدد،
وهذا الحقد والكراهية الذي يعشعش في أعماق فئات بعينها من الشعب المالي،
ليس فقط لثوار الأزواديين في ذلك الوقت،
إنما لكل من ينتمي إلى مجتمع كل تماشق والمجتمع العربي الأزوادي،
حتى ولو كان لا يبدى أي تعاطف من الثورة والثوار،
إنما كان لون البشرة هو ما يحدد الإنتماء إلى مالي أو الإنتماء إلى معسكر الثورة والثوار من عدمه،
فيكفي أن تكون بشرة الإنسان حمراء، بيضاء، ليكون هدفا مشروعا للجيش المالي،
وإلى الميليشيات العرقية "كندكوي" والتي كونها وسلحها الجيش المالي،
وأطلقها وتركها تعيث في الأرض فسادا،
هذا ما كان عليه الحال،
والجرائم التي ارتكبت ولا زالت ترتكب إلى يومنا هذا في حق أبناء أزواد من ذوي البشرة البيضا، خير دليل ذلك،
مما قاله شهود عيان الذين حضروا المجزرة وهم في غالبيتهم من التوارق أصحاب البشرة السوداء، الذين استطاعوا الاختلاط بين الشعب الذي حضر لمشاهدة المجزرة،
عندما تجمع الشعب كما طلب منه عند ساحة قريبة من مقبرة( حي كاتريم -قاوا)
بدأ الشعب في التصفيق والصراخ،
فكان الراحل اهماده اغ أمانكنن أول عناصر مجموعته الذين يتم قتلهم،
ومما قيل في وحشية الطريق التي تم فيها قتل الراحل أهماده أغ أمانكنن،
أن عناصر الأمن المالي بدأوا أولا في سلخ جلد الراحل عن جسده كما يفعل الأنسان بشاة،
إلا أن الإنسان يفعل هذا بشاة بعد أن يذبحها فبذبحها ينعدم منها الإحساس وتقول العرب لا يضر سلخ الشاة بعد ذبحها،
لكن ما فعله الجنود الماليين كانوا يسلخونهم وهم علي قيد الحياة،
فبدأوا أولا بشهيد أهمادة أغ أمانكنن الذي بدأوا بسلخ جلد صدره عن جسده،
ثم بدأوا في تقطيع جسده إلى أطراف حيث بدأوا بقطع الأطراف الفوقية من جسده، ويحدث له هذا وهو ولا يزال الراحل على قيد حيا،
ومثلما فعلوا به فعلوه ايضا براحل تدارفت اغ إدمي، وباقي عناصر مجموعة قرابين الحرية وكل هذا التعذيب تعرضوا له وهم أحياء يمكنك أيها القارئ الكريم أن تتخيل حجم الألم والمعاناة التي شعر بها هؤلاء الشباب وهم يتعرضون لسلخ والتقطيع وهم على قيد الحياة،
ولم يكتفوا عناصر الجيش بقتلهم وسلخ لحمهم عن عظامهم
وتحويلهم إلى أشلاء صغيرة متناثرة في المكان، فبعد كل هذا القتل والتنكيل المتوحش بالجثث قام عناصر الرتل
بدهسهم بدبابات،
ثم صبوا عليهم مادة المازوت وأشعلوا فيهم النار،
ويحدث في وسط تصفيق وفرحة من الحاضرين،
والذين كانت غالبيتهم العظمى من عرقيات زنجية استوطنت المنطقة في مراحل تاريخية حديثة،
ومكنتهم الدولة المالية ومن قبلها المستعمر الفرنسي من مفاصل المدينة،
وقاموا بطرد سكانها الأصليين الذين قاموا بتأسيس مدينة قاوة واسمها التاريخي (قوقوا)
وعندما تحولت أجساد الشهداء الخمسة إلى أشلاء،
وقطع صغيرة متناثرة في أرجاء الساحة التي نفذت فيها الجريمة،
سمح النقيب achaka kone,
للأهالي بأخذ أشلاء الشهداء, وظلوا هؤلاء الناس الذين لا يمكن وصفهم إلا بالحيوانات،
طيلة اليوم يتجولون في المدينة ويرمون بأشلاء الشهداء في بيوت كل تماشق المتواجدين في قاوة،
واستطاع بعض من كان في الساحة من التوارق أصحاب البشرة السمراء وخاصة من شريحة النساء،
من أخذ بعض أشلاء الشهداء،
وتسليمها إلى بعض ذوي الشهداء الذين لا يزالون يقيمون في قاوة،
والبعض فعل ذلك من باب السخرية وليس من باب فعل الخير كما قد يعتقد البعض،
وبعد أن أكمل النقيب achaka kone ارتكاب جريمته البشعة أمر جنوده بالانسحاب من ساحة الجريمة،
فجاء بعض الأشخاص ممن لا يزال شيء من قيم الإنسانية يسري في عروقه
، فقاموا بالملمة ما تبقى من أشلاء الشهداء في الساحة،
وممن لم يتمكن
الشعب الذي كان في حالة هستيرية من الفرح لمقتل هؤلاء الشهداء من أخذها وجعلها وسيلة للاستعراض والافتخار بين الناس،،
لا أعرف كيف سيتخيل أحد بعد كل هذه الجرائم التي ارتكبها هؤلاء البشر في حق أبناء أزواد،
أن يلتئم الجرح وتعود الحياة إلى سابق عهدها وكأن شيء لم يحدث،
جريمة تين أوكر
الفصل السادس عشر
الأثار السلبية للجريمة
كانت من أهم النتائج السلبية المترتبة على جريمة تين أوكر
1-نزوح العائلات من القرية بشكل جماعي
فلم يتبقى من سكان القرية التي كانت إلى وقت قريب عامرة سوى عدد قليل من العائلات التي أجبرتها ظروفها الخاصة على البقاء.
والعائلات التي نزحت بعد الجريمة أكثرهم نزحت من بيوتها ولم تعد إلي يومنا هذا.
2- تراجع النهضة الاقتصادية والتعليمية التي كانت تشهدها تين أوكر قبل الجريمة،
3- تراجع المستوى الدراسي بين أبناء منطقة تيلمسي،
نظرا لأن الجريمة التي أرتكبها الجيش المالي في حق أبناء بلدية تين أوكر،
لم تنعكس آثارها السلبية على أبناء القرية فحسب،
بل انعكست على منطقة تيلمسي عامة.
وهذا التأثير طبيعي نتيجة للمركز الاجتماعي والسياسي والاقتصادي والتعليمي الذي تحظى به ٠٠تين أوكر٠٠ في المنطقة،
من خلال مغادرة الطلبة مقاعد الدراسة ولجوؤهم إلى دوار الجوار،
ومعظم هؤلاء الطلبة الذين غادروا مقاعد الدراسة،
بعد الجريمة مباشرة لم يعود أي منهم إلى مقاعد الدراسة إلى يومنا هذا،
ومن كان حظه أوفر من طلبة مدرسة تين أوكر أستطاع أن يغادر البلاد،
ويلتحق بمعسكرات الثورة في ليبيا يكمل دراسته هناك،
وكل العوامل التي ذكرناها مجتمعة وغيرها كان لها دور سلبي ساهم في تراجع وتباطؤا النهضة التعليمية والاقتصادية لمنطقة تيلمسي عامة وبلدية تين أوكر خاصة، النهضة التي كانت تشهدها تين أوكر قبل الجريمة،
يمكن أن يعرف كل إنسان أن بلدية تين أوكر دفعت الكثير من الوصول إلى اليوم الذي ينشده كل أزوادي حر،
رحم الله شهداء القضية الأزوادية
كتبها وقام بتفريغها
إدول السعيد